وقع في «فخ» مُحتالين أوهموه بـ«استثمارات» في شركة كبرى... رسالة إلكترونية «خادعة» تُكلف صيدلياً سعودياً 7 ملايين... وتُدخله السجن
الدمام - ماجد الخميس الحياة - 22/01/08//
بدلاً من أن يمارس فايز أحمد الغانم، عمله صيدلانياً في أحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، يعيش الآن، في أحد سجون المنطقة الشرقية، بعد تعرضه لـ«عملية خداع كبرى»، عبر رسالة تلقاها في بريده الإلكتروني، كلفته تبعاتها نحو سبعة ملايين ريال. وتعود بداية قصته إلى العام 2003، حين استقبل الرسالة الإلكترونية الأولى، التي دعته إلى الاستثمار في إحدى الشركات المشهورة عالمياً، بقيمة 170 ألف ريال فقط، على أن تحول لحسابه مبالغ كبيرة كـ«أرباح»، بعد فترة وجيزة.
وأعجب الغانم بالفكرة في البداية، فدفع الـ170 ألفاً، بعد استشارات عدة حصل عليها من مقربين له، وزاد من مصداقية الشركة وثقته فيها، أن «اسمها قوي ومعروف عالمياً، وبعثوا لي بعقود الاستثمار عبر الفاكس، ودعوني لزيارة موقع الشركة على شبكة الإنترنت، وكشفوا لي بعض حسابات المساهمين»، بحسب قوله، بيد أنه لم يكن يعلم أنه واقع في «فخ» محترفي التزوير، و«محتالي الإنترنت».
بعد أسبوعين من تحويله المبلغ السابق، إلى حساب مصرفي في هولندا، عادت الشركة «الكبرى»، التي تقمص أدوارها أشخاص محتالون، للاتصال مجدداً بالغانم، طالبين منه أن يرسل 350 ألف ريال، كقيمة ضرائب وشهادات تسليم استثمار، وغيرها من الأكاذيب التي انطلت عليه، ومن ثم سيرسلون له المبلغ «الموعود»، وكانوا يتحدثون معه بملايين الدولارات.
ولم يفكر طويلاً، إذ أرسل لهم المبلغ المطلوب الجديد، إلا أنهم استمروا يطلبون منه إرسال مبالغ أخرى طائلة، حتى وصل به الأمر في النهاية إلى أن حول إلى «المحتالين» مبالغ قيمتها ثلاثة ملايين ريال تقريباً، على سبع دفعات، إلى حسابات جارية في هولندا وفرنسا. ويقول: «إن قيامي بتحويل تلك المبالغ الكبيرة بجنون كان محاولة مني لرد القروض التي حصلت عليها بسرعة إلى الدائنين، فلم يكن لدي حيلة أخرى، إلا أن أُرسل للشركة تلك المبالغ التي تطلبها، حتى يرسلوا لي الأرباح التي وعدوني بها».
والغانم، الذي يبلغ من العمر 41 عاماً، خريج كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود، وكان يقترض تلك المبالغ من معارفه وأقاربه، «بحكم أني صيدلي، وسمعتي طيبة بين الناس»، مع أنه حول المبالغ التي كان جمعها من قبل، وهي 550 ألف ريال، مع رهن منزله بقيمة 330 ألفاً، «كنت أبيع أملاكي وأقترض في شكل أوصلني إلى كوارث».
ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الغانم في 28 أيار (مايو) من العام الماضي، بعد أن رفع الدائنون شكاوى ضده في «الحقوق المدنية»، وأودع السجن، إذ يقضى أيامه حالياً «غير مصدق لما حدث لي»، فيما أنجبت زوجته، التي كانت حبلى قبل دخوله السجن، طفلة، وهو داخل السجن.
ويحكي الغانم من داخل السجن حاله لـ«الحياة»، بصوت مشحون بالأسى والحسرة: «الآن أصبحت مشرداً، تسكن والدتي في شقة مستأجرة، وزوجتي عادت إلى بيت أهلها، وبناتي الثلاث لم أرهن. وبعد أن كنت في السابق، إنساناً محترماً، وطبيباً أساعد الناس، لم يعد أحد ينظر لي الآن، بعد أن كنت محل الثقة في مدينتي»، مضيفاً «فقدت كل شيء، وأصبحت الطرق أمامي مقطوعة، وأنا أبكي في سجني، كلما تذكرت ما فعلت»، موضحاً «فصلت من وظيفتي في وزارة الصحة، وكنت أتقاضى راتباً يبلغ نحو 13 ألف ريال، وكنت مواظباً على عملي، حتى أنه كان لدي ثمانية أشهر رصيد من الإجازات، ولم أستخدمها، لكنني الآن أفيق من نومي ولا أعرف ماذا حدث لي، فوضعي أصبح يكسر الخاطر».
3 دائنين يطالبون بـأموالهم... والرابع تنازل عن حقه
وراء المبالغ الكبيرة المطلوبة من فايز الغانم، أربعة دائنين، إذ اقترض من الأول مليوني ريال، ويطالبه الآن بتسديد ستة ملايين ريال ضريبة التأخير والعمولة، فيما لم يطلب دائنان آخران، أي زيادات «رأفة بحاله»، ويطالبانه بتسديد مليون ريال تقريباً، وهو المبلغ الذي أخذه منهما، أما الدائن الرابع، فتنازل عن مبلغه كاملاً لـ«مساعدته في مصيبته».
لتصبح المبالغ التي يجب أن يسددها الغانم سبعة ملايين ريال. واتهم الغانم المصرف في هولندا بـ»التواطؤ مع هؤلاء المُحتالين، لأنه سهل لهم طريقة فتح الحساب، وإغلاقه بعد ذلك».
ولا يستطيع الغانم تفسير إرسال تلك المبالغ الكبيرة إلى تلك الحسابات من دون ضمانات حقيقية يستند عليها، إلا أنه يقول: «أشك أنني كنت مسحوراً في تلك الأوقات، التي أرسلت فيها تلك المبالغ الكبيرة»، لكنه بالتأكيد وقع في «فخ» كبير، نُصب له عبر عالم الرسائل الإلكترونية، في قصة أقرب إلى الخيال، ودخل «الفقر المدقع» بسببها، لتصبح قصته واحدةً من أغرب قصص المساجين في السعودية حالياً.